البداية من محل صغير في سوق «حساوية مقيبرة» إلى شبكة فروع في جميع مدن المملكة..
20 January 2013بدأت تجارته في «بسطة» بجوار محل والده قديماً في «سوق المقيبرة»، وتحديداً في «سوق الحساوية» وسط الرياض -الذي كان يضم تجار بيع «الأرزاق» مثل: الهيل والسمن والزنجبيل وبعض التوابل، ومحلات صغيرة لبيع الملابس والأقمشة-، حيث كان يذهب إلى السوق مع أبيه وعمره خمسة أعوام، ومع الأيام استوعب طريقة البيع والشراء، ولم تمنعه الفرصة من الجلوس في محل والده حينما يخرج لتحصيل بعض الأموال، مما أكسبه خبرة في كيفية التعامل مع الزبائن، وفي عام ١٩٧٨م وجد نفسه أمام خيارين، إما الالتحاق مع البعثات الدراسية في الخارج أو مواصلة العمل التجاري، وبالفعل اختار العمل التجاري، وبدأ في تجارة الأقمشة والملابس و»الغتر» و»الأشمغة».
«عجلان بن عبدالعزيز العجلان» -رئيس مجلس إدارة شركة عجلان وإخوانه- استطاع وأشقاؤه «سعد» -رحمه الله- و»محمد» و»فهد» -بعد تقاعد والدهم- العمل في السوق، والشراكة «على قلب واحد»، والتوسع في النشاط، بل وافتتاح فروع خارج مدينة الرياض، والمدن الكبرى مثل جدة ومكة ومدن المنطقة الشرقية وبريدة، حتى أصبح لديهم الآن شبكة فروع في جميع مدن المملكة، كما أنهم بدأوا في تلبية طلبات العملاء عن طريق مندوبي المبيعات في كل مكان دون استثناء حتى في دول الخليج.
وكشف «العجلان» أن النقطة المفصلية في تجارتهم كانت عام ١٩٩٠م، حيث دخلت القنوات الفضائية بعد حرب الخليج، وغيّرت مفاهيم أسلوب التسويق، مع حدوث تغيّر في ثقافة المستهلك، وبالتالي تطلب الأمر تغيير أسلوب التسويق، بتأسيس الماركات التجارية الخاصة بالشركة، للمحافظة على جودة المنتجات، موضحاً أنه تعلّم من والده أن حب العمل والإخلاص له يقود إلى تحقيق النجاحات، وبعد النجاح تأتي المحافظة على السمعة الطيبة؛ لأنها هي رأس المال الحقيقي في العمل التجاري. «الرياض» تستقصي بدايات ونجاحات رجل الأعمال «عجلان العجلان».
والدي هو أستاذي
عن البدايات قال "عجلان العجلان": ولدت في مدينة الرياض ب"حي الشميسي" شرق مدينة الملك سعود الطبية، حيث كانت أُسر "العجلان" تتمركز هناك، ثم انتقلنا من "الشميسي" إلى حي "المعذر" عام ١٣٩٨ه، مضيفاً أنه درس المرحلة الابتدائية في "مدرسة حسان بن ثابت" في الشميسي، والمتوسطة في "مدرسة فلسطين"، وأخيراً في "ثانوية الجزيرة"، متذكراً بعض أصدقاء الطفولة من أبناء الأعمام وغيرهم مثل "السجدان" و"أبو عبيد"، و"الغدير"، واصفاً الحارات قديماً بأن المنازل كانت متجاورة، حيث كانت طبيعة الحارة جبلية ومداخلها جميعها ترابية، والحياة كانت بسيطة، مبيناً أن أطفال الحي كانوا مع بعضهم يلعبون في تلك الشوارع، مؤكداً على أن الحارة قديماً لا تشكل مجمعاً سكنياً، بل أسرة واحدة، فالناس يعرفون بعضهم البعض.
ولم يُخف تأثير والده -أطال الله في عمره- في حياته، فهو أستاذه الذي منحه كل الثقة منذ أن كان صغيراً، وهو ما أعطاه مزيداً من الجرأة والإقدام تجاه العمل، بل واتخاذ القرارات، ثم يأتي من بعد ذلك أشقاؤه "سعد" -رحمه الله- و"محمد" و"فهد وعن أبرز المواقف، أوضح أن هناك العديد من المواقف والقصص، ومنها أنه عندما كان عمره (16) عاماً اشترى أول سيارة بمبلغ (١٤) ألف ريال في عام 1975م، وهي عبارة عن سيارة "مازدا" خضراء اللون.
رافق والده إلى السوق وعمره خمسة أعوام وتعلّم الدرس الأول في الحياة: «السمعة الطيبة هي رأس المال الحقيقي»
بسطة صغيرة
وفيما يتعلق ببدايات العمل في تجارة الملابس والأشمغة وأبرز مراحل التطور، ذكر "العجلان" أن بداية تجارتهم كانت على يد والده، وذلك في نهاية الخمسينات، حيث كانت تجارة بسيطة في "سوق المقيبرة" وبالتحديد في "سوق الحساوية"، حيث كان في ذلك السوق تجار يبيعون الأرزاق مثل "الهيل" و"السمن" و"الزنجبيل" وبعض التوابل، وأيضاً يبيعون في محلات صغيرة بعض الملابس والأقمشة، مضيفاً أنه كان يذهب إلى السوق مع والده وعمره آنذاك خمسة أعوام، ومع الأيام استوعب طريقة البيع والشراء، وكيفية التعامل مع الزبائن، مبيناً أنه حينما بلغ (١٢) عاماً، بدأ يبيع في "بسطة" بجوار محل الوالد، حيث كان يجلس في محله حينما يخرج لتحصيل بعض الأموال، مما أكسبه خبرة في كيفية التعامل مع العملاء، لافتاً إلى أنه في عام ١٩٧٨م وجد نفسه أمام خيارين، إما الالتحاق مع البعثات الدراسية في الخارج أو مواصلة العمل التجاري، وبالفعل اختار العمل التجاري وبدأ في تجارة الأقمشة والملابس و"الغتر" و"الأشمغة".
وأضاف: كانت القوة الشرائية في ذلك الوقت قوية، حيث توسعت المنتجات، مبيناً أنه تحول نشاط محل الوالد من محل لبيع المواد الغذائية إلى محل ملابس، ثم تقاعد والده من العمل في السوق وجلس في المزرعة؛ ليستمر هو في تجارة الملابس والأشمغة.
انتشار وفروع
وأوضح "العجلان" أنه بعد عام انضم إلى العمل معه شقيقه "سعد" -رحمه الله-، ثم "محمد" ثم شقيقه الأصغر "فهد"، مبيناً أنه بعد ذلك حولوا المحل الأول إلى مركز للبيع بالجملة، والثاني لأخيه "سعد"، والثالث لأخيه "محمد"، لافتاً إلى أنهم يفتحون المحلات في الصباح الباكر ويغلقونها في المساء، مع متابعة العمل، مؤكداً على أنهم كانوا يحملون البضائع بأنفسهم حينما لا يجدون حمّالين، ذاكراً أنه بعد هذه المرحلة بدأوا يتوسعون ويفتحون فروعا خارج الرياض في المدن الكبرى مثل جدة ومكة ومدن المنطقة الشرقية وبريدة، وتوسعت أعمالهم حتى أصبح لديهم الآن شبكة فروع في جميع مدن المملكة، مؤكداً على أنهم يلبون طلبات العملاء عن طريق مندوبي المبيعات في كل مكان دون استثناء حتى في دول الخليج.
وأضاف: في عام ١٩٩٠م وخلال حرب الخليج كانت بالنسبة لنا نقطة مفصلية، حيث دخلت القنوات الفضائية بعد تلك الحرب، وغيّرت مفاهيم أسلوب التسويق لدينا، كما حدث تغيّر في ثقافة المستهلك، وبالتالي تطلب الأمر تغيير أسلوب التسويق، بتأسيس الماركات التجارية الخاصة بالشركة، لنحافظ على جودة المنتجات، ونحدد السعر المناسب للمستهلك.
علامة تجارية
وذكر "العجلان" أنه حصروا عملهم في "الأشمغة" و"الغتر" و"القطنيات" و"الأثواب"، مضيفاً أنه من أهم العلامات التجارية التي تم تسجيلها في ذلك الوقت هي علامة "دروش"، حيث يملك السوق منه تقريباً (50%)، مبيناً أنهم صرفوا خلال (٢٢) عاماً تقريباً (100) مليون ريال في مجال الدعاية لعلامة "دروش"، وبعد ارتفاع أسعار التكلفة في الدول الأوروبية واليابان وارتفاع أسعار العمالة اتجهنا مباشرة إلى دولة الصين؛ لأن معظم الشركات الأمريكية والأوروبية أسست مصانع لها في الصين، مشيراً إلى أنه منذ عام ١٤٠٠ه وحتى يومنا هذا مازالوا يعملون في هذا المجال، أي ما يزيد على (٣٤) عاماً، موضحاً أنه بلغ رأس مال شركة عجلان وإخوانه تقريباً (٣٠٠) مليون ريال.
وعن شراء البضاعة قال: كنّا نشتريها من التجار في جدة ومكة المكرمة وكذلك الكويت، ثم بدأنا نستورد من اليابان، وكانت أسعارهم مجدية اقتصادياً، وكذلك من الصين عن طريق الكويت.
1990م كانت «نقطة التحول» مع تغيّر مفاهيم التسويق وظهور العلامات التجارية
كفاح مستمر
وعن أسباب نجاحه في العمل التجاري، ذكر "العجلان" أن أهم الأسباب هو الإتكال على الله سبحانه وتعالى وتوفيقه، ثم وجود أشقائه معه في العمل، وكفاحهم المستمر لتحقيق النجاح، أيضاً الصدق في التعامل مع الزبائن وكسب ثقة العملاء، مع الاستعانة بكفاءات تسويقية وإدارية من أجل تطوير العمل والتوسع فيه، مؤكداً على أن "شركة عجلان وإخوانه" تُعد من أفضل الشركات من حيث الكفاءات وإدارة الأعمال وتوظيف التقنية للتطوير العمل، مبيناً أنه فيما يتعلق بالتنوع في النشاط التجاري فالأهم الاستثمار في مجال العمل الأصلي ومن خلاله يحققون الأرباح، وهذه الأرباح يتم تطويرها باستثمارها في المجالات الصناعية أو العقارية، والحمد لله الآن لدينا استثمارات عقارية في أوروبا وأمريكا واستثمارات صناعية في الصين وفي بعض الدول الأخرى، ناصحاً الشباب بالاهتمام بالتعليم أولاً، بعد ذلك امتلاك قدرات العمل وحبه والإخلاص فيه، إلى جانب التوجه للعمل في القطاع الخاص.
تواصل وتراحم
وتحدث العجلان" عن واقع المجتمع في المملكة من حيث العادات والتقاليد والتعليم والصحة، وكذلك العمل والانفتاح، قائلاً: يظل المجتمع السعودي من أفضل المجتمعات في العالم، وعلى الرغم من وجود بعض السلبيات والتغييرات، إلاّ انه لازال مجتمعاً محافظاً على عاداته الطيبة، ومحافظاً على تواصله الأسري والاجتماعي، متمنياً أن يستمر هذا التواصل والتراحم والتكافل الاجتماعي، مضيفاً أن التعليم ليس بالمستوى المأمول، حيث ألاحظ فرقاً كبيراً بين التعليم العام الذي يمثل (99%) والتعليم الخاص، مشدداً على أن المطلوب هو التركيز على الكيف وليس الكم، وأن يكون هناك تعليم له مخرجات تدفع الطالب أن يكون قادراً على العمل والإنتاج، مشيراً إلى أنه بالنسبة للتعليم الجامعي وبرنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي هو خطوة رائعة غير مسبوقة، وسيخلق طفرة عمل كبيرة في مجالات متنوعة.
وعن واقع "الصحة" في المملكة، أوضح أن الدولة رصدت مبالغ هائلة في هذا القطاع وتم إنشاء العديد من المدن الطبية والمستشفيات، ومع الأسف هناك مواطنون يشتكون من عدم وجود فرصة للعلاج!.
تغيّر النظرة
وأوضح "العجلان" أنه بالنسبة لواقع "العمل" في المجتمع فقبل عام ١٩٧٥م أي قبل الطفرة النفطية كان المواطن يؤدي جميع الأعمال، ويمارس جميع المهن من البناء والتجارة وغيرها، وبعد الطفرة تغيّرت نظرة الشاب، فأصبح يريد العمل الحكومي المحدد بساعات دوام معينة ثم ينصرف، مُشدداً على أهمية تشجيع الجهات المسؤولة الشباب على العمل في المهن التي تدر أموالاً كبيرة، بدلاً من أن تستفيد منها العمالة الوافدة، حيث يمكن من خلالها خلق جو مناسب للشباب للعمل في المهن التجارية واليدوية والصناعية، مؤكداً على "الانفتاح" قادنا إلى حالة تغيير مستمر وتطور، على اعتبار أن التطور سنّة الحياة، مضيفاً أن بداية التحدي لمواجهة صعوبات الحياة تبدأ من الأسرة التي يجب أن تؤسس أطفالها على قواعد متينة، إلى جانب ما يتلقونه من المدارس، مع غرس روح المنافسة الشريفة فيهم، مبيناً أنه تتسع دائرة التحدي لتشمل كافة المجتمع، ولكي نخلق مجتمعاً أفضل يجب خلق روح التسامح وإتاحة الفرصة للرأي والرأي الآخر.
تقصير بعض رجال الأعمال تجاه المجتمع
أكد "عجلان العجلان" على أن رجال الأعمال هم جزء من هذا المجتمع، وعليهم مسؤوليات وواجبات لخدمة مجتمعاتهم بأي طريقة، مضيفاً أنه من خلال الإبداع في الأفكار تتحقق المشاركة الهادفة والشاملة، متأسفاً على أن بعض رجال الأعمال لم يؤدوا أدوارهم تجاه هذا المجتمع بشكل شامل وعام، وهناك تقصير واضح من قبلهم تجاه المجتمع، موضحاً أنهم يستطيعون تقديم الأفضل.
وقال:"حديثي لا ينفي وجود بعض من رجال الأعمال لديهم إسهامات في مجال التعليم والتدريب والصحة والإسكان والأعمال الخيرية"، لافتاً إلى أن شركته واخوانه لها مساهمات في عدد من الأعمال الخيرية تجاه المجتمع، وهناك بعض الأعمال التي يبتغي الأجر من الله عز وجل، مؤكداً على أنه بشكل عام لديهم تبرعات سنوية بمبلغ لا يقل عن (40) مليون ريال للجمعيات الخيرية في جميع المدن والقرى، كما أنهم يدعمون بناء المساجد والمحتاجين بشكل مباشر، ذاكراً أن لديهم مركز تدريب الشباب السعودي، إضافةً إلى دعم نظام السعودة في توظيف الشباب والشابات.
مشكلتنا في تقليد العلامات التجارية!
أوضح "عجلان العجلان" أن العمل التجاري لا يخلو من المعوقات، لكن بالإصرار والعمل المتواصل والمثابرة والصبر يستطيع الإنسان أن يتغلب عليها، أو على الأقل التعايش معها، مضيفاً أن أكثر ما عانوه هو تقليد العلامات التجارية التي تؤدي إلى سلب جهودهم في الترويج للعلامة التجارية وتطويرها، لكن بالمتابعة والإصرار والتعاون مع وزارة التجارة استطاعوا القضاء على التقليد.
وقال: "قطاع الملابس يحتل المركز الثاني من حيث الأهمية بعد قطاع المواد الغذائية الذي يحتل المركز الأول"، مبيناً أن تجربته في العمل امتدت لأكثر من (٣٥) عاماً، إضافةً إلى ما يزيد على (١٠) أعوام عملها مع والده، موضحاً أنه تعلم أن حب العمل والإخلاص له بإعطائه الوقت والجهد مع الإصرار المتواصل سيقود إلى تحقيق النجاحات، وبعد النجاح تأتي المحافظة على السمعة التجارية الطيبة؛ لأنها هي رأس المال الحقيقي في العمل التجاري، أيضاً لابد من اختيار النشاط التجاري المناسب للقدرة المالية، مع عدم تشتيت الجهود في أكثر من نشاط، بحيث تنتقل من نشاط لآخر؛ لأن هذه الطريقة لا تؤسس تجارة، ولن تكتسب منها الخبرة الكافية.